الكاتب: حامد صارم
الملخص:
معرفة مقام الأئمة من أهل البيت من القرآن الكريم كأداة للخروج من الأزمات والفتن في الأمة الإسلامية لها دور حيوي في الهداية والابتعاد عن الضلال. فالقرآن كحجة إلهية مع العترة، هو ضامن لهداية البشر، ووفقاً لحديث الثقلين، يجب اتباع هذين المصدرين معاً. وفي هذا السياق، فإن التركيز على معرفة أمر أهل البيت من القرآن، خاصة في أوقات الفتن التاريخية، يؤدي إلى التمييز بين أهل الإيمان والجاهلين. ويقول الإمام جعفر الصادق عليه السلام في هذا الصدد أن الذين يعرفون أمر أهل البيت من القرآن هم فقط الذين يستطيعون النجاة من الفتن. ومن هنا، فإن العودة إلى القرآن والعترة معاً وفهم أمر أهل البيت بدقة من القرآن، هو أساس الهداية الأبدية والخلاص من الضلال في وسط الفتن. وفي هذا التحليل المنطقي، إذا كانت التوابع في الجمل الشرطية الحصرية متشابهة، يجب أن تكون المقدمات كذلك، وهذه العلاقة واضحة في حديث الثقلين وكلمات الإمام الصادق عليه السلام. هذا البحث يؤكد على ضرورة التمسك بالقرآن والعترة للوقاية من الفتن والوصول إلى الهداية.
القرآن والعترة: “الركيزتان لهداية الأمة الإسلامية”
القرآن الكريم، استمرار الحجة الإلهية بين الناس. هذا الكتاب السماوي يثبت دائمًا صدق دعوة رسول الرحمة. القرآن ليس لفهم خاص، بل هو للهداية الإنسانية بلغة بسيطة ومن دون تحيز لأي حزب. لا يوجد فيه تقية، وكلماته قد استُعملت بدقة ورفق لدرجة أن أهل الفن يعجزون أمامه.
التدبر في القرآن هو واجب على كل مؤمن. فهم والتفكير في آياته يشكل أساسًا راسخًا لهداية الأمة الإسلامية، والتي تتكامل مع اتباع عترة النبي. وفقًا لحديث الثقلين، لا ينفصل القرآن عن العترة. التمسك بهما معًا هو ضمان للهداية والنجاة من الضلال.

دور الصحابة في هداية الأمة: إعادة فحص حديث الثقلين.
إذا كان اتباع صحابة النبي يلعب دورًا في الهداية، لكان يجب ذكر ذلك في هذه الرواية المتواترة بين الشيعة والمخالفين. الصحابة ليس لهم حتى دور في نقل الحديث، إذ أن النبي الرحمة قد عرف أفرادًا من أهل بيته. أدنى ما تدل عليه رواية ثقلين هو أن أهل البيت هم المرجع العلمي. وعندما يُعرف أهل البيت وفقًا لهذه الرواية القطعية كمرجع علمي، فإن الرجوع إلى أي شخص آخر، حتى وإن كان من الصحابة، يعد مخالفًا لتعاليم النبي. لم يُعرف الصحابة أبدًا كمراجع رئيسية لتلقي تعاليم النبي. لأن أهل البيت، إلى جانب القرآن، هم المصدر الصحيح لتلقي الأحاديث النبوية. وإذا كان هناك أي نقل يلمح إلى وجوب الرجوع إلى صحابي، فإنه يتعارض مع هذه الرواية المتواترة. الرواية المتواترة قاطعة وتقدم دائمًا على أي رواية غير متواترة، خصوصًا إذا كانت تلك الرواية مشوشة في المعنى أو في سندها.
النقطة التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار هي أن المخاطبين بهذا الحديث الشريف في زمان صدوره كانوا الصحابة. أي أن أول من كان يجب عليهم العمل بهذا الحديث وهم مكلفون بذلك هم صحابة النبي. وهذه مسألة قطعية وغير قابلة للإنكار. وعندما أُمر الصحابة بالتمسك بالقرآن والعترة والرجوع إليهما كمرجع علمي لهم، فهذا يعني أن الصحابي، لمجرد كونه صحابيًا، لا يمكنه أن يكون مرجعًا علميًا، ولا يمكن أن يُتّخذ مرجعًا في التعلّم. لذا، إذا أردنا الاستناد إلى حديث الثقلين، فإن الصحابة ليس لهم أي حق أو مكانة للتقديس والطاعة أو الرجوع العلمي.
الطريق الواضح في الفتن: أهمية معرفة أهل البيت في القرآن
مکتب الشيعة هو مکتب قائم على الاستدلال والفهم العقلي الدقيق. في الشيعة، لا مكان للتعصب. كل شيء هو استدلال وبرهان. سنة الله قائمة على وقوع الفتن الظلماء، وهي فتن لا يُمكن تجاوزها إلا بالوعي. ولكن، كيف ينبغي أن نصبح علماء؟ إلى أين يجب أن نرجع؟ وماذا ينبغي أن نتعلم تحديداً لكي نميز الطريق من الضلال في وسط الفتن الظلماء؟
بالتأكيد المصدر الوحيد الذي لا يوجد فيه أي خلاف رغم جميع الاختلافات هو القرآن الكريم. لكن ماذا يجب أن نبحث عنه في القرآن؟ كيف يجب أن نتدبر في القرآن؟ ما الذي في القرآن يمكن أن يضيء الطريق في الفتن ويحول الظلمات إلى نور؟ الإمام جعفر الصادق عليه السلام، الذي يعتقد الشيعة أنه إمام من قبل الله، ولم ينكر أحد من المخالفين علمه. وهو يقول في الفتن وسبيل الخروج منها: “مَنْ لَمْ يَعْرِفْ أَمْرَنَا مِنَ اَلْقُرْآنِ لَمْ يَتَنَكَّبِ اَلْفِتَنَ.” من لم يعرف أمرنا من القرآن لا ينجو من الفتن. من يعرف أمر أهل البيت من القرآن لا يدخل الفتنة، وتبتعد عنه الفتن، لأن علمه ووعيه يجعلانها لا تصيبه أبداً. الفتن هي فقط للجاهلين. من يعرف الطريق بوضوح، الفتنة لا معنى لها بالنسبة له. الطريق يفهم بوضوح عندما يُعرف أمر أهل البيت من القرآن.

حديث الثقلين وحفظ الهداية: كيف يجب أن نستخدم القرآن والعترة؟
هذه الرواية تبيّن التمسك بالثقلين. الحديث يقول إن القرآن والعترة معًا في مكان واحد، ولكن السؤال هو: كيف يجب أن نستخدم هذين المصدرين؟ الإمام الصادق عليه السلام، الذي هو أَعلم الناس بالقرآن الكريم وهو من العترة أيضًا، يقول إنه يجب أن نعرف أمر أهل البيت من القرآن لكي ننجو من الفتن.
حديث الثقلين يبيّن أن نتيجة التمسك بالقرآن والعترة هي الهداية الأبدية. وبعبارة أبسط، نتيجة التمسك بالقرآن والعترة ومعرفة أمر أهل البيت من القرآن هي واحدة. إن جملة حديث الثقلين هي تأكيد على الهداية القطعية وعدم الضلال.
حديث الثقلين يقول إنه إذا تم التمسك بالثقلين، فإن النتيجة هي عدم الضلال الأبدي، أي أنه في الظلام لا يقع الشخص في أي فتنة. والحديث الوارد عن الإمام الصادق عليه السلام يقول إنه إذا تم التعرف على أمرنا من القرآن، فإن الشخص ينجو من الفتن، بمعنى أن الضلال لن يحدث أبدًا.
ونظرًا لأن لسان كلا الحديثين حصري، بمعنى أنه لو كان هناك شيء ثالث يحتاج للتمسك به للهداية، لتم ذكره، فإن عندما تكون النتيجة واحدة، يجب أن تكون المقدّمات أيضًا مشابهة.
في القضايا الشرطية الحصرية التي تُعبَّر عنها بشكل “إذا وفقط إذا” (التي غالبًا ما تُكتب بالشكل “A ↔ B”)، تكون العلاقة بين المقدّم (الشرط) والتالي (النتيجة) دقيقة ومعكوسة. بمعنى أن:
إذا تحقق المقدّم (A)، فإن النتيجة (B) لابد أن تتحقق.
وإذا تحققت النتيجة (B)، فهذا يعني أن المقدّم (A) قد تحقق أيضًا.
أي أن التحقق من أحد الطرفين يستلزم تحقق الآخر بشكل متبادل.
- إذا كان A، فإن B يكون.
- إذا كان B، فإذن A.
هذه العلاقة موجودة تمامًا في حديث الثقلين. وكذلك هذه العلاقة موجودة في حديث معرفة أمر أهل البيت عليهم السلام في القرآن، بمعنى أنه إذا كان شخص قد نجا من الفتن، فلا بد أنه كان يعرف أمر أهل البيت من القرآن.
إذا كانت نتائج (توالي) قضيتين حصريتين متطابقة، فهذا يعني أن الشروط (مقدمات) يجب أن تكون أيضًا متطابقة. في المنطق، “التالي” و”المقدم” هما جزءان مستقلان من قياس أو استدلال، ولكي ترتبط قضيتان معًا، يجب أن يكون هناك علاقة منطقية بين المقدم والتالي فيهما، وليس بالضرورة التشابه أو التماثل في المقدمات.
إذن، في النهاية، إذا كانت التوالي في الجمل الحصرية مشابهة، فإن ذلك يخلق ضرورة منطقية لتشابه المقدمات.
لذلك، على الأقل أحد مصاديق التمسك بالقرآن والعترة هو معرفة أمر أهل البيت من القرآن. هذا المعنى يمكن أن يسهل فهم العديد من المعارف القرآنية لنا. يجب التأكيد على أن أمر أهل البيت في القرآن لا يقتصر على آية أو عدة آيات. كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله في خطبة غدير خم: “فضائل علي بن أبي طالب في القرآن أكثر مما يمكن حصره في مجلس واحد…”. هذه العبارة من النبي صلى الله عليه وآله تشير إلى أنه لضمان الهداية والحفاظ على وضوح الطريق في وسط الفتن، يجب أن يُتعلم أمر أهل البيت من القرآن، وحتى عبارة “من كنت مولاه فهذا علي مولاه” هي أيضًا دلالة على نفس أمر أهل البيت في القرآن.
الفتنة تحدث دائمًا بين أولئك الذين هم حقًا في دائرة الإيمان. بما أن الشيعة يؤمنون بأمير المؤمنين عليه السلام ويعتقدون أنهم متمسكون بالقرآن والعترة، فيجب عليهم بذل الجهد في معرفة أمر أهل البيت عليهم السلام.
#فتنه_ها_و_شناخت_امر_اهل_بیت