الرسول (ص): في القيامة سأشفع لأبي طالب شفاعةً تتعجب منها جميع الجن والإنس.
الكاتب حامد صارم
بمناسبة ذكرى رحيل أبي طالب؛ والد علي (ع).
الملخص
هذه المقالة تتناول دور سيدنا أبو طالب (ع) في دعم النبي (ص) والدفاع عن الإسلام. لقد سعى الشيطان دائمًا لإطفاء نور الهداية الإلهية، ولكن الله سبحانه وتعالى حال دون ضياع طريق الهداية بقوته. في غدير خم، تحطمت آخر آمال الشيطان في إطفاء نور الهداية. ومع ذلك، حاول أعداء الإسلام، وخاصة حزب السامري، من خلال إثارة الفتن والبدع، أن يضلوا الطريق المستقيم. أحد هذه المؤامرات كان الإساءة إلى والد أمير المؤمنين، سيدنا أبو طالب (ع)، ونشر أحاديث مزيفة مثل حديث “ضحضاح” الذي ,وضعه المغيرة بن شعبة، من أعداء بني هاشم. الإمام الرضا (ع) رد على هذه الأحاديث المزيفة وأكد إيمان أبي طالب (ع) واعتبره من الصحابة الصالحين. وقد لعب أبو طالب (ع) دورًا كبيرًا في دعم الإسلام من خلال تضحياته العظيمة، مثل وضع ابنه مكان النبي (ص) لحمايته، وتهديده بقتل رؤساء قريش. بعد وفاة أبي طالب (ع)، حضر النبي (ص) جنازته ووعده بشفاعة عظيمة في يوم القيامة. هذه المقالة، بناءً على المصادر الشيعية الموثوقة، تستعرض إيمان ومكانة أبي طالب (ع) وتبرز دوره في تاريخ الإسلام.النبي (ص): في القيامة سأشفع لأبي طالب شفاعةً يتعجب منها جميع الجن والإنس.
النبي (ص): في القيامة سأشفع لأبي طالب شفاعةً يتعجب منها جميع الجن والإنس.
ما هو دور خاتم أبي طالب؟
النبي (ص) حضر في جنازة أبي طالب وقال للمشيعين: «في القيامة سأشفع لأبي طالب شفاعةً يتعجب منها جميع الجن والإنس».
مجموعة الدین والفكر في “خبرگزاری دانشجو” – حامد صارم:
إنّ الشيطانَ یَجعَلُ هَمَّهُ إطفاءَ نورِ اللهِ، ولا یَتورَّعُ عن أيِّ جُهدٍ لِتحقیقِ ذلك. فمَرّةً یُعلِّمُ النمرودیینَ إضرامَ النّارِ لِیَحْرِقوا مُحطِّمَ أصنامِ تاریخِ الأنبیاءِ إبراهیمَ علیهالسلام، ومَرّةً یُدرِّبُ السامريَّ على استبدالِ التوحیدِ بِعِجلٍ، وأخرى یُعلِّمُ شیاطینَ البشرِ صَلبَ عیسى لِیُطفئوا نورَ الهُدى، ولٰكنَّ “یَدُ اللهِ فَوقَ أیدیهم”، فَعُرجَ بعیسى إلی السَّماءِ بِمشیئةِ اللهِ، وصُلِبَ مَن شُبِّهَ له، واحترقَ عِجلُ السامريِّ بنارِ موسى علیهالسلام، وتحوَّلَتْ نارُ إبراهیمَ إلی جَنَّةٍ، ولَن یَترُكَ اللهُ سبیلَ الهُدى مُغلَقاً.
آخِرُ أملٍ للشیطَانِ فی غدیرٍ قد یَئِسَ مِنه؛ فَلَن یَقدِرَ الكافرونَ بعدَ الیومِ على إطفاءِ النور، “ٱلْیَوْمَ یَئِسَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِن دِینِكُمْ”.
مع عِلمِ الشیطَانِ بحُجِّیةِ کلامِ الربِّ، امتَنَعَ عن السُّجودِ لِآدمَ حتّى وقَفَ أمامَ اللهِ – مع عِلمِه بالعذابِ – قائلاً: “لأُضِلَّنَّ عِبادَك”. كما عَلِمَ الشیطَانُ أنَّ الدینَ الإسلاَميَّ اكتملَ بِغدیرٍ، وأنَّه لَا انحرافَ ولا اعوِجاجَ – بعدَه – لِمَن یُريدُ الحقیقةَ، ورغمَ ذلك وُجِدَتْ سَقِیفَةٌ لِتُعِیدَ قصّةَ السامريِّ وعِجلِه، لٰكِنَّ هٰذهِ المَرّةَ رَفضَ أُولئكَ الَّذینَ أنارَتْ غدیرٌ قُلوبَهُم أن یَسجُدوا لِعِجلِ السامری، وإنْ فَدَوا أرواحَهُم لِحِفظِ غدیرٍ.
إهانة والد أمير المؤمنين: الظلم الذي وقع على الإمام
حزب السامري لم يتوقف عن مكرهم، حيث كانوا في كل مرة يخلقون الفتن والانحرافات والبدع في محاولة لإطفاء نور الهداية. وكلما خلقوا فتنة أو انحرافًا أو بدعة.
لكن بدعهم لم تجد طريقًا إلى مذهب أتباع الغدير عبر التاريخ. ومن بين دسائس المجرمين كانت إهانة واعتداء على والد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. حزب السامري لم يتوانَ عن ظلم أمير المؤمنين، فقد بدأوا من شتمه ولعنه على المنابر.
ورغم علمهم أن الإمام علي عليه السلام كان روح النبي، إلا أنهم لم يكتفوا بذلك بل شنوا هجومًا على إيمان والد أمير المؤمنين، محاولين الإساءة إلى مكانة أمير المؤمنين عن طريق تحقير والده واتهامه بالكفر – عياذًا بالله.
اختلاق الأحاديث الكاذبة
اختلقوا حديثًا كاذبًا عن أبي طالب يُسمى حديث “ضحضاح” (أي النار). هذا الحديث تم نشره بواسطة المغيرة بن شعبة، المناصر المخلص لأبي سفيان في الجاهلية، حيث يقول إن أبا طالب في ضحضاح النار (بركة نارية) وأنه يرتدي حذاءً ناريًا في قدميه وأن دماغه يغلي من حرارة النار. (لكن هنا يجب أن نعتذر من الإمام المهدي ومن أمير المؤمنين عليهم السلام على نقل هذا الحديث الملفق). هذه الأحاديث كلها تُنسب إلى المغيرة بن شعبة الذي كان من أعداء آل بيت النبي وكان من القتلة الذين أساءوا إلى السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها وكان مخلصًا لبني أمية.
كما ذكر في الآية الكريمة: “إِنَّكَ لا تَهْدِی مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ”، فقد نزلت هذه الآية في حق مشركي قريش بعد معركة أحد، عندما كسروا أسنان النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: “اللهم قومنا ضلال”. وقد ورد في كتاب “الحجة على الذاهب” أن هذه الآية نزلت في هذا السياق، وبعض العلماء قالوا إن الآية نزلت في حق المتخلفين عن الهجرة. (1)
وعندما تم ذكر هذا الحديث الكاذب أمام الإمام الرضا عليه السلام، قال: “كذب أعداء الله، إن أبا طالب من رفقاء النبيين والصدِّيقين والشهداء الصالحين، وحسن أولئك رفيقًا”؛ أي: “دروغ میگویند دشمنان خدا، به درستی که ابوطالب از همنشینان پیامبران، صدیقین، شهداء و صالحین هستند و چه ایشان چه خوب همراهانی هستند.” و فرمودند: “اگر در ایمان ابوطالب شک داشته باشی، سرانجام تو آتش است.” (2)
العداوة مع أهل البيت
سید بن طاووس يكتب: «لم نرَ ولم نسمع أن أحداً في إسلامه كان بحاجة إلى التشدد الذي يُمارس في إسلام أبي طالب، لأن الطريقة التي نعرفها عنهم هي أنهم يعتمدون على أدنى حديث واحد يجدونه لاعتبار أي كافر مسلماً، حتى وإن كان في ذلك الحديث إشارات ضئيلة جداً على مقصدهم، ولكن عداوتهم مع الهاشميين بلغت حداً جعلهم ينكرون إيمان أبي طالب مع أن الأدلة الواضحة تثبته…» (٣)
من هو أبو طالب حقًا، الذي اختلف في إيمانه إلى هذا الحد؟ وما أهمية إيمانه أو عدم إيمانه؟ هناك العديد من أقارب النبي الذين لم يؤمنوا، وكثير من غير الأقارب الذين آمنوا؛ فلماذا يُصر البعض على عدم إيمان أبي طالب ويُصر آخرون على إيمانه؟
في الجواب يجب القول إنه نظرًا لأن أتباع طريق الشيطان لم يتمكنوا من إيجاد أي عيب في أمير المؤمنين عليه السلام ولم يستطيعوا حتى انتقاد جزء بسيط من أمير المؤمنين، ومع احتقارهم وكرههم له، فقد وضعوا والده الشريف في دائرة الهجوم وسعوا إلى أن يُعرّفوه بالكفر علهم يظنون أنهم بذلك يمسّون مقام أمير المؤمنين، ولكن يجب القول: «أيها الذباب، هذا مجال السيمرغ ليس مكانك، تحمل طلبك وتعبنا.»
هو الذي في مرتبة مشابهة لوصايا الأنبياء، فتخيل كفره أمر غير عاقل. ومن هنا، يؤمن الشيعة بالإجماع بإيمانه؛ ولكن يتم ذكر بعض خصائصه لتسليط الضوء على مقامه وأيضًا لإثبات إيمان أبي طالب.
تهديد بقتل زعماء قريش
أبو طالب رضي الله عنه من أجل دعم رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة يعرض حياته وقبيلته للخطر. وفي دفاعه عن النبي صلى الله عليه وسلم، يصل إلى حد إصدار أمر بقتل زعماء مكة دفاعاً عن النبي. في الليلة التي عرج فيها النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء، لم يرَ أبو طالب النبي في مكة، فجمع جميع أولاده وعبيده، وأعطاهم الأسلحة، وأمرهم أن يذهبوا في الصباح إلى جانب الكعبة، وأن يقف كل منهم بجانب رجل من كبار قريش الذين كانوا جالسين حول الكعبة، وكانوا جميعاً من كبار مكة. وإذا لم يجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصباح أو لم تأتي أي أخبار عنه، يوجه أبو طالب بالإشارة إلى قتل زعماء مكة، وعليهم تنفيذ هذا الأمر. مع بزوغ الفجر دخل النبي صلى الله عليه وسلم، وعندما رآه أبو طالب، وقف نحوه وهو سعيد ومبتهج، ثم قبّل بين عيني النبي وقال: «يا ابن أخي، والله لو كنت قد تأخرت، ما بقي أحد من كبار مكة حياً…» (4)
فداء ابنه في سبيل النبي
شِعب أبي طالب من أصعب أيام حياة النبي صلى الله عليه وسلم. في هذا الحصار القاسي، كان رجال بني هاشم يدافعون عن حياة النبي بكل ما أوتوا من قوة، خوفًا من أن يهاجمه الأعداء ليلًا. وفي هذا السياق، كان دفاع أبو طالب عن النبي مثيرًا للإعجاب، حتى أنه يعكس قوة إيمان أبو طالب برسالة النبي. كان يبيت ابنه في مكان النبي ليلاً، حتى إذا كان هناك محاولة لاغتيال النبي، يكون ابن أبو طالب هو الضحية بدلاً منه. (5)
هل يمكن الادعاء أن أبا طالب، الذي يدافع عن النبي بكل هذه الشدة والتضحية، لم يؤمن برسالته؟ إذا كان هناك بعض الإنصاف، يجب أن نعترف بأن الإيمان قد استقر في أعماق قلب أبي طالب. بعد وفاة حضرت أبي طالب عليه السلام، بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم، قام الإمام علي عليه السلام بغسل جسده، وحضر النبي صلى الله عليه وسلم جنازته، وقال لأولئك الذين كانوا يشيعونه: “في القيامة سأشفع لأبي طالب شفاعةً لا يصدقها الجن والإنس.” (6)
النبي صلى الله عليه وسلم في حياة أبي طالب كان عزيزًا بفضل دعم أبي طالب.
ما دام أبو طالب حيًا، كان النبي صلى الله عليه وسلم عزيزًا في مكة، ولم يكن أحد يجرؤ على إيذاء النبي حتى وفاة أبي طالب. بعد وفاته، اتحدت قريش على إيذاء النبي ومنع دعوته. نزل جبريل عليه السلام على النبي وقال له: «السلام عليك من الله، ويقول لك: اخرج من مكة فقد توفي ناصرك وواسك» (7).
هناك الكثير من الحديث عن مقامات وإيمان أبي طالب، وقد ألف علماء الشيعة من قديم الزمان حتى اليوم العديد من الكتب حول مقامات أبي طالب، ولا يمكن ذكرها كلها في هذا المختصر (8). لذلك، سيتم الإشارة فقط إلى حديث الإمام الرضا عليه السلام الذي يدل على علم وعظمة والد الإمام علي عليه السلام، وأيضًا يثبت إيمان واعتقاد أبي طالب عليه السلام.
نقش خاتم أبي طالب
الإمام الرضا عليه السلام يقول: كان منقوشًا على خاتم أبي طالب هذه الجملات: «رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِابْنِ أَخِي مُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَبِابْنِي عَلِيٍّ لَهُ وَصِيًّا» رَاضِيتُ بِأَنْ يَكُونَ اللَّهُ رَبِّي وَأَنْ يَكُونَ ابْنُ أَخِي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ نَبِيًّا وَابْنِي عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَصِيًّا. (9)
الهوامش:
- الخصال / ترجمة كمرهئي، ج 2، ص 39، لماذا لم ينضم أبو طالب رسميًا إلى حزب الإسلام؟… ص: 36
- بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج 35 – ص 110 – 111
- سيد بن طاووس في طرائف، ص 87، نقلاً عن: الغدير (فارسي) – الشيخ الأميني (ترجمة: جمع من المترجمين) – ج 14 – ص 343 – 346
- «إيمان أبي طالب – الشيخ المفيد – ص 23 – 24»، يكتب الشيخ المفيد أن هذا النقل متفق عليه بين مؤرخي السير وكتاب السيرة.
- الصحيح من سيرة الإمام علي (ع) – السيد جعفر مرتضى العاملي – ج 2 – ص 81 – 84
- إيمان أبي طالب – الشيخ المفيد – ص 25 – 26
- إيمان أبي طالب – الشيخ المفيد – ص 24 – 25
- بعض من هذه الكتب هي: إيمان أبي طالب تأليف الشيخ المفيد، والحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب تأليف السيد فخار بن معد الموسوي المتوفى سنة 630 هـ، وأبو طالب مؤمن قريش تأليف عبد الله الخنيزي، وأبو طالب بطل الإسلام تأليف الخالد للسيد حيدر محمد سعيد العرفي، وأيضًا في كتاب الصحيح من سيرة الإمام علي في جزء من هذا الكتاب يتناول هذا الموضوع.
- الصحيح من سيرة الإمام علي (ع) – السيد جعفر مرتضى العاملي – ج 2 – ص 102 – 104